: القسم

34- اللغة والأدب والشعر

: عنوان الفتوى

حكم تمني الفناء بعد الموت

: السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخنا الفاضل، بارك الله فيكم ونفع بكم. عندي استفسار حول معنى بيت شعري منسوب لأبي العتاهية، يقول فيه: 👈(أَلَم يَأنِ تَركي لا عَلَيَّ وَلا لِيا وَعَزمي عَلى ما فيهِ إِصلاحُ حالِيا) وفي نهاية القصيدة يقول: 👈(فَيا لَيتَني مِن بَعدِ مَوتي وَمَبعَثي أَكونُ رُفاتاً لا عَلَيَّ وَلا لِيا ) يبدو لي أن هذا الكلام فيه نوع من التمني للعدم بعد الموت، وكأن الشاعر لا يريد جزاءً ولا حسابًا، وهذا لا يتوافق مع الإيمان بالآخرة. فهل يُعدّ هذا من القنوط أو الاعتراض على قدر الله؟ وهل يمكن أن يصل إلى حد الإلحاد؟ أم أن له تفسيرًا آخر؟ جزاكم الله خير الجزاء، وبارك الله في علمكم وعملكم، وأحسن إليكم كما أحسنتم إلينا بعلمكم، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

: الإجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته امين واياكم وفيكم بارك الله ♦️ أولاً: بارك الله فيك هذا الشعر ليس لأبي العتاهية بل هو لأبي تمام ▪️▪️▪️ ◼️ وفي العموم الشعراء غالبيتهم لا يدينون بالعقيدة السليمة الصحيحة الخالية من الشوائب والمراجعات (إلانادراً) ▪️▪️▪️ ♦️ ثانياً: وفي قوله هنا وفي البيتين الذين ذكرتهما في سؤالك لا يعنيان ما ذكرته انت من تمني العدم بعد الموت وإنما هو في مضمار الخوف من الله➖ ويدل على ذلك بقية الأبيات ➖ ولا حرج في قوله هذا (في هذا المقام) وهذا لا يدخل في هذا المعتقد الذي ذكرته انت (العدم والفناء بعد الموت - والكفر بالآخرة والجزاء ولا يدخل في القنوط فضلاً عن الاعتراض على قدر الله (والله أعلم) ⚠️ وليس هذا دفاعاً عن الشاعر الذي لا يدين بالعقيدة الصحيحة ولكن من باب العدل والانصاف ومن نفس قصيدته. ➖➖ ◼️ واليك القصيدة كاملة لتطلع عليها ولتتبين من خلاها مقصود الشاعر. ◼️ وهذا يدخل في باب الخشية من عذاب الله ◼️ وربما قال ذلك لغلبة الخوف الذي وقع له في ذلك الوقت من خشية التقصير ◼️ فقويت في قلبه هذه الرهبة حتى أهمل بجانبها قوة الرجاء كما صرح في قصيدته. يمكنك قراءتها والتركيز على النقاط الخضراء . ▪️▪️▪️▪️▪️ وهذه هي القصيدة كاملة: 🟢 أَلَم يَأنِ تَركي لا عَلَيَّ وَلا لِيا ➖ وَعَزمي عَلى ما فيهِ إِصلاحُ حالِيا 🔵 وَقَد نالَ مِنّي الشَيبُ وَاِبيَضَّ مَفرِقي ➖ وَغالَت سَوادي شُهبَةٌ في قَذالِيا 🔵 وَحالَت بِيَ الحالاتُ عَمّا عَهِدتُها ➖ بِكَرِّ اللَيالي وَاللَيالي كَما هِيا 🔵 أُصَوِّتُ بِالدُنيا وَلَيسَت تُجيبُني ➖ أُحاوِلُ أَن أَبقى وَكَيفَ بَقائِيا 🔵 وَما تَبرَحُ الأَيّامُ تَحذِفُ مُدَّتي ➖ بِعَدِّ حِسابٍ لا كَعَدِّ حِسابِيا 🔵 لِتَمحُوَ آثاري وَتُخلِقَ جِدَّتي ➖ وَتُخلِيَ مِن رَبعي بِكُرهٍ مَكانِيا 🔵 كَما فَعَلَت قَبلي بِطَسمٍ وَجُرهُمٍ ➖ وَآلِ ثَمودٍ بَعدَ عادِ بنِ عادِيا 🔵 وَأَبقى صَريعاً بَينَ أَهلي جَنازَةً ➖ وَيَحوي ذَوو الميراثِ خالِصَ مالِيا 🔵 أَقولُ لِنَفسي حينَ مالَت بِصَغوِها ➖ إِلى خَطَراتٍ قَد نَتَجنَ أَمانِيا 🔵 هَبيني مِنَ الدُنيا ظَفِرتُ بِكُلِّ ما ➖ تَمَنَّيتُ أَو أُعطيتُ فَوقَ أَمانِيا 🔵 أَلَيسَ اللَيالي غاصِباتي بِمُهجَتي ➖ كَما غَصَبَت قَبلي القُرونَ الخَوالِيا 🔵 وَمُسكِنَتي لَحداً لَدى حُفرَةٍ بِها ➖ يَطولُ إِلى أُخرى اللَيالي ثَوائِيا 🔵 كَما أَسكَنَت ساماً وَحاماً وَيافِثاً ➖ وَنوحاً وَمَن أَضحى بِمَكَّةَ ثاوِيا 🔵 فَقَد أَنِسَت بِالمَوتِ نَفسي لِأَنَّني ➖ رَأَيتُ المَنايا يَختَرِمنَ حَياتِيا 🟣 فَيا لَيتَني مِن بَعدِ مَوتي وَمَبعَثي ➖ أَكونُ رُفاتاً لا عَلَيَّ وَلا لِيا 🟢 أَخافُ إِلَهي ثُمَّ أَرجو نَوالَهُ ➖ وَلَكِنَّ خَوفي قاهِرٌ لِرَجائِيا 🟢 وَلَولا رَجائي وَاِتِّكالي عَلى الَّذي ➖ تَوَحَّدَ لي بِالصُنعِ كَهلاً وَناشِيا 🔵 لَما ساغَ لي عَذبٌ مِنَ الماءِ بارِدٌ ➖ وَلا طابَ لي عَيشٌ وَلا زِلتُ باكِيا 🔵 عَلى إِثرِ ما قَد كانَ مِنّي صَبابَةً ➖ لَيالِيَ فيها كُنتُ لِلَّهِ عاصِيا 🟢 فَإِنّي جَديرٌ أَن أَخافَ وَأَتَّقي ➖ وَإِن كُنتُ لَم أُشرِك بِذي العَرشِ ثانِيا 🟢 وَأَدَّخِرَ التَقوى بِمَجهودِ طاقَتي ➖ وَأَركَبَ في رُشدي خِلافَ هَوائِيا ▪️▪️▪️▪️▪️ *🔝 هذا والله أعلم والحمد لله رب العالمين*

من مجموع فتاوى الشيخ الدكتور عمر الفاروق البكري ✍🏼