: القسم

47- الذنوب والتوبة

: عنوان الفتوى

حكم الحلف بترك المعصية ثم الانتكاسة والعودة اليها

: السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته كيف حالكم شيخنا سائل يسأل شاب عمره 22 سنه هو مرتكب معصيه ويريد أن يتخلص منها بأي طريقة لكن للأسف ما عم يحسن يترك هذه المعصية وحلف يمين أنه ما عاد يعمل هذه الشغلة اي المعصية وما قدر يحافظ على القسم الذي أقسمه ما الذي يترتب عليه ؟ وأرجو أن تدعوا له بأن يمن الله عليه ويتخلص من هذه المعصية وجزاكم الله كل خير

: الإجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله بخير حفظكم الله ➖ أولاً: عليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من الموحدين حصراً. ➖ والاستعانة بالله على تركها والدعاء في السجود لعل الله يصرف قلبه عنها. ➖ والابتعاد عن مواطن المرغّبات والمذكّرات بتلك المعصية. ➖ وعدم الجلوس والنوم وحيداً واتخاذ صحبة صالحة. ➖ وعدم الجلوس بغير فائدة وعمل. ➖ وننصح بالبدء بحفظ قصار السور فبذكر الله يطمئن قلبه ويقضي وقته الفارغ بطاعة الله. ➖ ثم يتفرغ لقراءة الفتاوى وكتب اهل العلم والتوحيد فينشغل قلبه بذكر الله وطاعته دائماً فتمنعه تلك عن الوقوع في المعصية مجدداً بحفظ الله ورعايته. 🤲🏻 ونسأل الله لنا وله الفرج والمغفرة والصلاح الظاهري والباطني إنه سميع مجيب. ▪️▪️▪️ 🔳 واما عن أسباب هذه الانتكاسة وعلاجها: ➖بدايةً لا بد لكل علة ومرض من تشخيصها ومعرفة اسبابها ليتقرر بعدها العلاج الناجع والصحيح لها. ➖ فمن اسباب االانتكاسة عدة امور لا بد من معرفتها وتسليط الضوء عليها لنعالجها اولاً: واهمها:// ➖ ضعف الإخلاص لله تعالى ➖ الصحية السيئة لأن الصاحب ساحب ➖ الإعجاب بالنفس وترك الدعاء والتضرع لله ➖ عدم التدرج في تعلم أحكام الدين الإسلامي ➖ التقصير في نوافل العبادات وخاصة عبادة الدعاء ➖ صدمة يتعرض لها الملتزم من الشخص الذي اتخذه قدوة له ➖ الالتزام من غير اقتناع ورغبة ➖ عدم الاهتمام بتربية الشاب لنفسه ➖ الكمال الزائف ➖ سوء التربية ➖ التعلق ببعض قضايا الماضي ➖التوسع في المباحات ❗ وغيرها الكثير... 🟩 *ولعلاج هذه الاسباب وغيرها :* ➖ اولاً ترك الذنوب والمعاصي وعدم تذكّرها البتة لان من شروط التوبة العزم على عدم العودة. ➖ فإن العبد إنما يعود إلى الذَّنب لبقايا في نفسه فمَن خرج مِن قلبه الشبهة والشهوة، لم يعد إلى الذنب ابداً. ((كما قال شيخ الاسلام يرحمه الله)) ➖ وعليه بالاخلاص في عبادته لان الشيطان لا يقترب من المخلصين. 📗قال سبحانه: 🔖 *كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ* 📝يوسف 24 📗وقال سبحانه لابليس: 🔖 *إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ* 📝الاسراء 65 ➖ ومع ذلك لا تظن ان الشيطان سيتركك الى الابد بل هو يتركك في وقت اخلاصك ويعود اليك في وقت انتكاستك وفتورك بل هو قد اقسم انه لن يتركنا ابداً وسيقعد لنا في كل طريق. 📗قال سبحانه نقلاً عن ابليس: 🔖 *قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* 📝الاعراف 16 ➖ فهو لن يقف في طريق اهل الضلال بل فقط في طريق من يسير على الصراط المستقيم ➖ ومن هنا نعلم ان ابليس لا علاقة له باهل الضلال بل لا يوسوس لهم ابداً بل يمدهم ويؤيدهم لكنه فقط يقف في طريق من اراد الحق والهداية . ➖ ومع ذلك احذر اخي المسلم واختي المسلمة ان تظنوا انه قوي او انه يمكنه التاثير عليكم ان كنتم اقوياء الايمان مخلصين لله لا - ابدا بل انه اضعف من ذلك بكثير امام الاقوياء - اما امام الضعفاء فلا شك انه سيتغلب عليهم . 📗قال سبحانه: 🔖 *إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا* 📝النساء 76 ➖ فلا يجدر بالمسلم والامسلمة الاستسلام ابداً ➖ ولينفض المسلم عن كاهله غبار التبعية والذنوب ولينهض بقوة الله وطاعته سبحانه *والذي هداه سابقاً قادر على هدايته الان* ➖ وليترك المسلم عنه الوساوس والكسل وليتقوى بحسن ظنه بالله سبحانه 📗 قال تعالى في الحديث القدسي: 🔖 *أنا عندَ ظَنِّ عَبدي بي* 📝متفق عليه. ➖ وطالما ان المسلم شعر بنفسه الانتكاسة فهذا خير ويدل على كونه عالماً بما حصل له فعليه اتخاذ اسباب العلاج ومنها الندم والعزم على العودة افضل ما كان عليه من طاعة الله سبحانه والسير على منهج ونهج النبي الكريم وصحابته الغر الميامين . ➖ وليستمر في طلب العلم وسؤال اهل العلم عن كل ما يدور في خلده من مسائل لينفض بها غبار الجهل والتبعية لغير شرع الله سبحانه. ➖ وليحذر المسلم خلال الانتكاسة من اليأس من روح الله ورحمته وليكن نصب عينيه 📗 قوله سبحانه: 🔖 *قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* 📝الزمر 53 ➖ ولا شك ان للصحبة والرفقة الصالحة دور كبير في العودة لطاعة الله وترك المعصية حيث الصحبة الصالحة تعينه على طاعة الله ورسوله وكما قال اهل الحكمة - *الصاحب ساحب*- فاما يسحبك للطاعة او يسحبك للمعصية وفي هذا الصدد 📕يقول عليه الصلاة والسلام: 🔖 *مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً.* 📝متفق عليه ➖ والاعجاب بالنفس هذا من الغرور والزيف الشيطاني الذي يزينه للمسلم بانه بلغ درجة الكمال والعلم ويلبس عليه حتى يجعله يظن في نفسه الخير ويرى نفسه فوق الناس بل وفوق العلماء فيصرفه عن ملازمتهم والتعلم منهم ثم يتدرج به الامر لأن يطعن فيهم ويرميهم بالتهم والتنفير منهم ➖ وكذلك تقصيره في العبادات واهمها الدعاء الذي يخلصه من الشرور المغيبة عنه فاهم عبادة على الطلاق هي الدعاء 📕قال عليه الصلاة والسلام: 🔖 *الدُّعاءُ هوَ العبادةُ ثمَّ قال وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ* 📝صحيح سنن الترمذي ➖ وكذلك مما يتسبب في انتكاسة العبد هو صدمته ممن كان يعتبره قدوته فلما شاهد منه التقصير او المعصية انتكس وتقهقر وتراجع عما كان عليه من الالتزام والطاعة ، وهذا غير مقبول منه حيث انه اعتبر ان قدوته نبياً معصوماً وهذا غير صحيح ، ثم ان ربنا لم يامرنا بهذا اصلاً 📗بل قال ربنا سبحانه: 🔖 *أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ* 📝الانعام 90 🔻 فربنا قال بهداهم ولم يقل بهم ➖ فهؤلاء ما هم الا بشر مثلكم ويجري عليهم ما يجري على كل مخلوق من الخطأ والنسيان والفتنة والشرود فلا تجعل مخلوقاً قدوتك بل اجعل شرع الله هدفك وغايتك - فحينها لا يضرك انقلاب العالم وانتكاسته ➖ فاحذر ان تجعل شخصاً ما قدوتك وتكون اعماله وافعاله واقواله فقط هي المحفزة لك على عبادة الله وطاعة رسوله ، والاصل أن تكون هذه سبباً من الاسباب لا اكثر فان انتكست القدوة بقي الأصل وهو شرع الله ولتكن انت معيناً له على اعادته بعد الانتكاسة لا متبعاً له في انتكاسته ➖ وكذلك من الاسباب عدم الاقتناع في تطبيق بعض العبادات فتراه يتعبد تقليداً لا اتباعاً فسرعان ما ينتكس العبد كونه غير مؤمن بها من قلبه وحينما يتركها لا يبالي لأنه لا يؤمن بعاقبة تركها ايضاً ➖ ومن الاسباب كما اسلفنا الصحبة السيئة بل واهمها صحبة البيت والعمل وسوء التربية في البيت والعمل وهذا يحقن المسلم بالشحناء والبغضاء ويدفعه ابليس للعودة للمعاصي بحجة الترويح عن النفس واخذ قسط من الراحة وهذه هي احدى اكبر خطوات ابليس لترك العبادة وفعل المعاصي ➖ ومما يجدر الاهتمام به هو عدم التوسع في المباحات مما يفتح باباً كبيراً للدخول في المحرمات ولو بشكل خفيف لكن الخرق سرعان ما يتوسع ولا يمكن اغلاقه. ➖ ويكفي لهذا المنتكس من الخير انه عرف انه منتكس ولولا ذلك لبقي يظن نفسه من الذين يحسنون صنعاً فهذه نعمة كبيرة من الله انه عرف نفسه على خطأ ويبحث عن الحل . ⬛ *والنصيحة الاخيرة له ولكل المسلمين:* ➖ يجب على المسلم عدم الاندفاع ، ولا يأخذه الحماس الزائد في اي امر حتى يتمكن منه بشكل شرعي فلا يتسرع في قبول الاحكام من اي كان الا بعد تبيان الحجة الصحيحة الصريحة في المسألة ، كي لا يتسبب اندفاعه وحماسه الزائد الى التراجع عن كل ما يصدر من العالم الذي سمع منه حكما ما ، فربما يأخذ منه هذا ويترك منه غيره فهو مجرد ناقل للحكم وليس مشرّعاً - فحينما يصطدم بخطأ هذا العالم يظن ان كل ما قاله كان باطلاً فيتسبب له هذا بالانتكاسة . ➖ فرويداً رويداً في الاخذ من اهل العلم وعدم رفعهم لدرجة العصمة ابداً - فكلنا يصيب ويخطئ ➖ وعليه بالعمل بما علم ولا يؤجل تطبيق ما علم ولا يترك العمل بعد العلم كي يكون من الذين يثبتهم الله 📗قال سبحانه: 🔖 *وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً* 📝النساء 66 ➖ وما حصل لهذا المنتكس لا شك هو بسبب ضعف التزامه بعدما فتح الباب لابليس خزاه الله بالدخول الى عالمه وعقله 📗قال سبحانه: 🔖 *إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ* 📝محمد 25 ➖ فالعودة والبدار الى طاعة الله سبحانه ليعود *شعاع الايمان* الى قلبك من جيد وعدم ترك قراءة كتاب الله سبحانه 📗قال سبحانه: 🔖 *الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ* 📝الرعد 28 ➖ ولا يفتر المسلم عن الدعاء في كل لحظة وخاصة في السجود: وليكثر من الدعاء: 🤲🏻 اللهم مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ▪️▪️▪️ 🤲🏻 رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ▪️▪️▪️ 🤲🏻 ونسأل الله سبحانه لنا وله ولكم ولجميع الاخوة والاخوات الثبات على الهدى والصراط المستقيم انه ولي ذلك والقادر عليه. 🔝 *هذا والله أعلم والحمد لله رب العالمين.*

من مجموع فتاوى الشيخ الدكتور عمر الفاروق البكري ✍🏼